وضوع نقاشنا ☃
مقالة عنوانها ( السعادة)
#TWAS
بسم الله الرحمن الرحيم
في خضم الآلام و الإحباطات التي يواجهها الإنسان في حياته، يتوق للسعادة ويسعى لها، أملا في أن يخلّص روحه من تلك الجروح والأحزان، أن يضحك فرِحاً، ليضفي على وجوده بهجة تنسيه ما ألمّ به من شقاء، باحثا عن نعيم في الحياة، سائراً في رحلة يرقب بها سبيل سعادة ليسلكه، وهذا ما وصفه الشاعر محمود درويش في قصيدته:
" و نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
ونرقص بين شهيدين نرفع مئذنة للْبنفسج بينهما أو نخيلا
نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا..
و نسرق من دودة القز خيطًا لنبني سماء لنا ونسيج هذا الرحيلا..
و نفتح باب الحديقة كي يخرج الياسمين إلى الطرقات نهارًا جميلا "
🔴 أنواع السعادة :
1⃣ سعادة قصيرة الأمد⌛:
تستمر لوقت قصير لوجود إحدى مسببات السعادة كخروج الإنسان في نزهة إلى مكانٍ مفضل لديه🏻♂🏻♂🧗🏽♂، فقد تزول سعادته لحظة عودته إلى المنزل.
2⃣ سعادة طويلة الأمد:
وهي السعادة التي تستمر وقتاً طويلاً من الزمن نتيجة لوجودة مسببات طويلة الأمد لهذه السعادة، ومثال على ذلك زواج فتاة من شاب أحبته🏻🤵🏻، فقد تستمرهذه السعادة لتلك الفتاة سنوات.
🔴 *السعادة كفاح لا هدية*:
🔻يحكي عالم الاجتماع زيغمونت باومان عن الشاعر الألماني غوته أنه سُئل ذات مرة سؤالًا: هل عشت حياة سعيدة؟ فكان جوابه: نعم، عشت حياة في غاية السعادة، لكن لا أتذكر أسبوعًا واحدًا سعيدًا.
🔻ويعلّق باومان أن هذا المفهوم للسعادة مختلف عن مفهومنا الحديث، حيث جعلتنا حضارة الاستهلاك والإعلانات نظن أن السعادة هي سعادة وقتية ومؤقتة يجب إشباعها هنا والآن وفورًا، وأن السعادة سلسلة غير منقطعة من المتع المحسنة باستمرار.
🔻في كثير من الأحيان، الناس تحاول أن تعيش حياتها من الوراء. إنهم يحاولون الحصول على مزيد من الأشياء، أو المزيد من المال، من أجل القيام بكثير من الأشياء التي يريدون، إذن سوف يكونون سعداء. الطريقة التي تعمل حقا هي العكس تماما. عليك أولا أن تعرف من تكون حقا، ثم افعل ما تحتاج أن تفعله، حتى تحصل على ما تريده. مارغريت
🔻 أنا مصممة على أن أكون مسرورة وسعيدة في أي وضع أجد نفسي به. لأني علمت أن أعظم جزء من بؤسنا وتعاستنا محددة ليست بالظروف ولكن من خلال استعدادنا. مارثا واشنطن
القناعة و السعادة:
نحن نميل إلى نسيان أن السعادة لا تأتي نتيجة الحصول على شيء ليس لدينا، ولكن تأتي من الاعتراف وتقدير ما لدينا. فريدريك
الإنجاز و السعادة:
- تأتي السعادة الحقيقية من الفرح من الأفعال التي نحسن القيام بها، والتلذذ من خلق الأشياء الجديدة. أنطوان دو سانت اكزوبري
"والنفسيتان تبرزان فكرتين حول السعادة، أن هناك مفهومين للسعادة التي نقوم بتطبيقها، مفهوم لكل نفسية. فنحن قادرون على أخذ فكرة جيدة للغاية للسعادة من خلال نفسية التجربة عبر الزمن، حيث إن سألت عن سعادة نفسية التجربة فإنها تكون مختلفة كليًّا. هذا الأمر لا يتعلق بشخص يعيش بسعادة، إنما يرتبط بمستوى الرضا أو السعادة عندما يفكر الشخص بحياته".
🔴*السعي نحو السعادة*
في حديثٍ للسيد حسين نصر عن السعادة في المفهوم الإسلامي : بأنه لا يوجد في القرآن إلا مقرونًا بالجنة وبوضع النعيم الأخروي، أما الحياة فهي سعي ومكابدة وقتال وهم وجهد وتعب وألم، ورغم أن الحياة مكابدة فإنها سعي نحو السعادة، ليس للشعور بالسعادة بل الحصول على السعادة. فالإسلام لا يعد الإنسان بالشعور بالسعادة، بل بالرضا والطمأنينة، ويأتي الوعد بالسعادة والنعيم الأبدي مرتبطًا بالآخرة، ولكي يحصل ذلك الإنسان على السعادة الأخروية يجب عليه أن يعرف نفسه أولًا، ولا يتحقق ذلك إلا بالابتلاء والألم والمعاناة.
كذلك يتفق سيد حسين نصر مع زيغمونت باومان أن السعادة كفاح، والسعادة تنبع من داخل الإنسان وليس من محيطه، فمهما كان محيط الإنسان سعيدًا ومرفّهًا لا يشعر الإنسان بالرضا إلا عندما ينبع من داخله، وهذا ما يمكن أن نراه إذا ما قارنّا أحوال الناس في البلدان الأفريقية البسيطة وفي بلاد وسط آسيا بأحوال آخرين في المدن الكبرى في أوروبا وأميركا.
حيث كلما اقترب الناس من بساطتهم وحريتهم شعروا بالسعادة، لأنه -حسب السيد حسين نصر- كلما اقترب الإنسان من فطرته التي خُلق عليها شعر بالرضا والطمأنينة والسعادة، فالحالة الفطرية كانت حالة فردوسية، لذلك فالسعادة هي أن نكتشف من نحن، وهنا يعيد السيد حسين نصر طرح فلسفة الإمام أبي حامد الغزالي عن كيمياء السعادة ومعرفة حال القلب والحواس، وأن القلب هو سيد الحواس وسعادته في التقرب من الله ولمس الحقيقة الروحية. وفي مقال على جريدة "ذا مايند جورنال" (the mind journal) يطرح الكاتب ستة أسباب لعدم شعور الأشخاص الطيبين بالسعادة:
أولها:
أن الأشخاص الطيبين يملكون أيضًا رغبات سواء جسدية أو روحية، فحرمان الأشخاص الطيبين لأنفسهم من الرغبات والفناء في إسعاد الآخرين لا يجعلهم بالضرورة يشعرون بالسعادة، وإنما يفشلون في ذلك.
ثانيها:
أن الأشخاص اللطفاء يعطون بسخاء غير محسوب، وهذا جيد ويساعد على شعورهم بالسعادة، لكن عندما يعطي الإنسان دون حساب في مقابل إهماله لنفسه تمامًا فإنه يترك ذاته في حالة فوضى،بجانب أن الإنسان يعطي بلا حساب لكنه ينتظر في مقابل كل ذلك العطاء والجهد أن يرد له الناس الجميل، وهذا ما لا يحدث غالبًا، فيصاب بالإحباط.
ثالثًا:
"اعتقادك أن العالم سيعاملك بلطف لأنك إنسان طيب يشبه اعتقادك بأن الأسد لن يأكلك لأنك شخص نباتي" وبسبب عطاء الأشخاص الطيبين فإنهم يملكون توقعات عالية تجاه العالم، فكلما أعطوا فإنهم يتوقعون أن العالم سينتبه لهم ويكافئهم ويرد لهم الجميل، وهذا غير حقيقي وغير واقعي، فيصابون بالإحباط الشديد وعدم الجدوى.
رابعًا:
اعتاد الناس الطيبون على سلوك معين تجاه الآخرين، اعتادوا على التضحية بأوقاتهم ونومهم والعمل بجد لتوفير الوقت لمساعدة الآخرين، لكن ربما تكون نقطة ضعفهم أحيانا أنهم لا يستطيعون التحكم في ذلك السلوك وإيقافه في الوقت اللازم.
خامسا:
عدم الرضا عن النفس بعد القيام بأعمال الخير، فبعض الناس يهلكهم شعورهم الدائم بتأنيب الضمير رغم بذلهم جهدًا للعطاء والمساعدة، وذلك يعود لسبب أن من حولهم لا يقدّرون عطاءهم ومساعدتهم، فيظن هؤلاء الأشخاص أن عطاءهم لم يكن بالصورة الكافية، ليستمر بذلك انعدام الشعور بالرضا.
سادساً:
الأشخاص الأذكياء الطيبون يصابون غالبًا بالحزن والاكتئاب لأنهم حين لا يبذلون جهدًا في مساعدة الناس وتقديم الحل الأمثل لجميع المشكلات فإنهم يذهبون لتحليلات أعقد للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما يسبب لهم الألم والاكتئاب والحزن، فقوة عقولهم تسبب لهم المعاناة والضغط النفسي.
يُحكى أن حكيمًا صوفيًّا في خراسان سُئل: ماذا تريد؟ فقال "أريد ألا أريد"، و هذا هو لب السعادة، فالسعادة حالة نسعى إليها لننالها ، فارفق بنفسك، واعمل ما عليك، وتوكل على الله
🔴تحقيق السعادة:
السعادة تكون في ثلاث : أن تقوم بأمر الله، وأن تقنع بما قسمه لك، وأن ترضى بما قضاه عليك
🔴أسباب السعادة:
تختلف أسباب السعادة من شخص لآخر، ولكن هناك بعض الخطوات التي من شأنها رفع مستوى السرور حسب الطبيعة البشرية التي فُطر الإنسان عليها، وبالتالي تكوين السعادة :
1⃣اتباع سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتبسم في وجه أخيك، فمن شأن هذه الابتسامة أن تنشر الود والمحبة والسرور بين الناس.
2⃣صنع المعروف والقيام بالأعمال التطوعية، فمن شأنها تعزيز الثقة بالنفس وتكوين السرور لدى الأشخاص.
3⃣الرضا بالقضاء والقدر وعدم النظر لما في أيدي الناس من خير أو مال.
4⃣تجنب الغضب والابتعاد عنه فهو ينشر الكراهية والبغضاء.
5⃣القناعة بأن كلام الناس غاية لا تُدرك وأن غاية الله ورضاه هي المطلوبة في الحياة.
6⃣القيام ببعض أنواع الرياضة، فرياضة المشي أو الجري تمنح شعوراً رائعاً خاصة في الهواء الطلق والطبيعة الخلابة.
6⃣تناول بعض أنواع الأطعمة من شأنها أن تزيد نسبة السرور لدى الإنسان، فبعض الناس يشعرون بالسعادة لتناولهم نوعاً معين من الشوكلاتة.
7⃣السفر والترحال والتعرف على البلاد والأماكن الجميلة تزيد البهجة والسرور لدى الإنسان.